الوحدة الوطنيةمقالات الوحدة الوطنية

الإسلام الذي تبشّر به “قسد”

المجتمع الإسلامي الديمقراطي الذي يُروِّج له حزب الاتحاد الديموقراطي pyd في المناطق التي تقع تحت سيطرته، وقد انبثق عن هذا المؤتمر أكاديمية الإسلام الديمقراطي ومركز دراسات وأبحاث يهتّم بدراسة الأديان.

مناصحة – متابعة 

فما هذه الأكاديميةُ؟ وما أهدافُها؟
مركز مناصحة يسلّط الضوء على فكرة المجتمع الإسلامي الديمقراطي الذي يروّج له حزب الاتحاد الديموقراطي.

من المبادئ الميكافيلية التي تستهوي الأنظمة القمعية الاستبدادية إخضاع “الدين” لرغبات النظام وتعزيز سلطته وفرض الأمر الواقع على الناس، يقول ميكافيلي: “إنّ الدين ضروريّ للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس”! و”من واجب الأمير أحياناً أن يساند ديناً ما ولو كان يعتقد بفساده”.

وعلى هذا المبدأ يعمل حزب الاتحاد الديمقراطيPYD” ” ذاع حزب العمّالPKK” ” فهو حزبٌ ليس “علمانياً محايداً تجاه الأديان” فقط، بل في حالة عداء واضحة مع الإسلام وما يتّصل به، وباعتبار أنّ حزب الاتحاد هو النواة المركزية لما يسمّى بالإدارة الذاتية شمالي سوريا وشرقيّها فهي تسعى إلى تفكيك المجتمع الكردي القديم بدينه السائد -الإسلام السنّي- وأخلاقياته وتراثه والتأسيس لمجتمع جديد، يملك أفكاراً وقناعات جديدة ولغة بمصطلحات جديدة، بل وأبعد من ذلك: القضاء على مفهوم العائلة الذي يحافظ على تماسك أيّ مجتمعٍ كان.

فمن أساليبه في تفكيك الأسرة والمجتمع المحافظ، وتجيير المناهج التعليمية والتربوية لضخّ الأفكار والمعتقدات الجديدة وإحياء ديانات وفلسفات منقرضة تماماً، وقد سبق لمنصّة “مناصحة” أن تناولت تلك المناهج الهدّامة في أبحاثها.

ومن أساليب الحزب في تفكيك المجتمع والأسرة والبيئة الدينية تشجيع الحملات التنصيرية وحملات إحياء الديانات القديمة كالزرادشتية ودعم بعض الطوائف الصغيرة المنغلقة على نفسها أساساً كالإيزيدية، لتُبنى في مناطق سيطرتها لأول مرّة في تاريخ كرد سوريا كنائس ومعابد لديانات أخرى! بالنتيجة فإنّ قابلية الأسرة للتفكّك ستكون أكبر إذا حوت أكثر من معتقد دينيّ، وهذا ما يفعله الحزب تماماً.

ومن الأساليب التي لا تختلف عن أساليب الأنظمة القمعية تأطير الدين والمحسوبين على العلم الشرعي في قوالب تخدم أفكارهم المعادية للدين والفضيلة أساساً، في عام 2019م تبنّت قسد المؤتمر الأول(للمجتمع “الإسلامي الديمقراطي” في شمال شرق سورية) في مدينة رميلان بمحافظة الحسكة، بمشاركة المشايخ الموالين للحزب أو المغلوبين على أمرهم كحال المشايخ الجالسين في مناطق سيطرة النظام، وبحضور ممثّلين عن(الإدارة الذاتية)، واتّفق المجتمعون على إطلاق مؤسّسة باسم(المجتمع الإسلامي الديمقراطي) تعمل على تنظيم الشؤون الدينية والمؤسّسات التعليمية والبحثية الإسلامية في المنطقة.

انتخب المجتمعون خمسة وعشرين عضواً للمجلس، وأمضى المجتمعون -عددهم 300 شخص- النظامَ الداخلي للمجتمع الإسلامي الديمقراطي، الذي يُعَدّ اندماجاً لـما يسمّى(اتحاد علماء المسلمين) في مناطق قسد، و(اتحاد مؤسّسات المرأة المسلمة)، وكان من الشعارات التي رُفعت في المؤتمر مقولة لا معنى لها لزعيم حزب العمّال الكردستاني أوجلان “الدين ذاكرة الشعوب”. وهذه الجملة مع عدم وضوحها أساساً فهي لا تتضمّن بطبيعة الحال أيّ قيمة للدين ولا مدحاً له، بل يُفهَم من إيحاءاتها المتوافقة مع فكر حزب العمّال أنّ الدين ذكريات بالية على “المجتمع المتقدّم الديمقراطي الاشتراكي” وينبغي عدم البناء عليها أو إعطاؤها أكثر من حجمها فهي “مجرّد ذكريات”!

وانبثق عن هذا المؤتمر “أكاديمية الإسلام الديمقراطي” و”مركز بحوث العقائد والأديان” في القامشلي، وأقرّ البيان وضع برنامج تدريبي يستهدف جميع أعضاء المؤتمر، على وفق فكر الإسلام المجتمعي الديمقراطي الذي يبشّر به الحزب.
كما سيكون من وظائف “المؤتمر” مراقبة خطب الجمعة وتشكيل لجان خاصة لاقتراح الخطب، وإدارة الأملاك الوقفية.

من الواضح استخدام مصطلحات لها دلالاتها الحزبية ما يؤكّد أنّ المؤتمر وما انبثق عنه مُسيَّس، وواضح التستّر على الأهداف الحقيقية بشرعنة ممارسات(الإدارة الذاتية) فلا يوجد إسلام ديمقراطي، ولا إسلام ليبرالي أو اشتراكي، “فالإسلام هو الإسلام”، فحقيقة ما يحصل هو تزوير لمبادئ الإسلام ولرسالته، من أجل استخدام الدين بعد تأطيره في مؤسّسة لتوطيد فكر الحزب وسيطرته في المناطق الخاضعة له.

ولا يُخفي أتباع الحزب ولا إعلامه تبنّي أيديولوجيات حزب العمّال الكردستاني وما يسمّونه “فلسفة آبو أوجلان” فيدّعي رعاة “أكاديمية الإسلام الديمقراطي” أنّ أوجلان طرح فلسفة الإسلام الديمقراطي خطوةً لإعادة تصحيح الإسلام بعد تشويهه وتحويله إلى إسلام سياسي مرتبط بالسلطة والحكم!

يُدَرّس في “أكاديمية الإسلام الديمقراطي” التاريخ العامّ، وهو موافق لمناهج قسد المضلّلة، زيادةً على العلوم الإسلامية كالفقه وأصوله، وعلوم الحديث، وعلوم القرآن، مع الأدب الكردي والأدب العربي. والمناهج باللغتَين الكردية والعربية.
ولتدنّي مستوى جودة التعليم؛ فإنّ الانتساب إليه لا يُشترط فيه سوى الشهادة الإعدادية ليتخرّج في الأكاديمية بعد أربع سنوات فقط أئمّةٌ ومشايخ وخطباء يعتلون المنابر!

وهذه غاية أخرى شابهت فيها قسد نظام الأسد.

وممّا يؤكّد تلك النتائج دعم الحزب المستمرّ للحملات التبشيرية التي تقوم بها كثير من المنظّمات الأوروبية، ودعمها لبناء معابد خاصّة لطوائف لم تَعُدْ موجودة بين الكرد أو موجودين بفئات قليلة ليس لهم طموح التبشير بدينهم.

وإذا أردنا أن نسلطّ الضوء على جانب من تلك الجوانب لتوضِّح لنا مدى متاجرة الحزب بالدين وبالمشايخ المحسوبين عليه:

في عام 2018م افتتح الحزب أول كنيسة في مدينة(كوباني/ عين العرب) باسم كنيسة الأخوة، يتردّد إليها بعض المرتدّين عن الإسلام بتشجيع كامل من الحزب ودعم المنظّمات التبشيرية وعلى رأسها منظّمةAVC international ) ) البروتستانتية.

Figure 1 كنيسة الاخوة في كوباني
بطبيعة الحال فإنّ القضيّة ليست قضية إيمان بالمسيحية، فالديانة المسيحية ليست غريبة عن المنطقة، حتى يكتشف هؤلاء فجأة أنّ الديانة المسيحية أفضل من غيرها، إنّما الدافع الحقيقي: المغريات المادّية، والمعنوية، دون إنكار وجود حالات معدودة نتيجة ردّة الفعل التي سبّبتها داعش.

لقد نجحت الكنيسة الإنجيلية في تحقيق هدفها في “كوباني” وبنت معبدها بدعم كامل من حكومة الأمر الواقع(الإدارة الذاتية) مستغلّة حاجة الناس وإرهاقهم من وجود “داعش” وما حلَّ بمدينتهم عام 2014م، فتحوّل بعض الطامعين إلى البروتستانتية، حيث بلغ عدد المتحوّلين حوالي ٣٠٠ شخص كردي، عِلاوةً على بعض العائلات التي نزحت من مدينة “عفرين”.[1]

[1] https://azamat.org/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AD%D9%88%D9%91%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%88%D9%86300-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3/

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق