الإلحادمقالات الإلحاد

حاجة الإنسان إلى الدين – العلّامة يوسف القرضاوي

نصٌّ مقتبسٌ من كتاب (مدخل لمعرفة الإسلام) يبيّن فيه الدكتور القرضاوي أنّ التديّن فطرةٌ ضروريةٌ في البشر جميعاً، مستدلّاً بأدلّةٍ عقليةٍ ونقليةٍ، وتاريخيةٍ وواقعيةٍ.

مناصحة – متابعة 

إنّ حاجة الإنسان إلى الدين عامّةً، وإلى الإسلام خاصّةً، ليست حاجةً ثانويةً ولا هامشيةً، إنّها حاجةٌ أساسيةٌ أصيلةٌ، تتصل بجوهر الحياة، وسرّ الوجود، وأعمق أعماق الإنسان.

وفى أقصى ما يمكن من الإيجاز ـ غير المخل ـ نبين هنا وجه الحاجة إلى الدين في حياة الإنسان:

* حاجة العقل إلى معرفة الحقائق الكبرى في الوجود:

1- حاجة الإنسان إلى عقيدة دينية تنبثق ـ أول ما تنبثق ـ من حاجته إلى معرفة نفسه ومعرفة الوجود الكبير من حوله، أي إلى معرفة الجواب عن الأسئلة التي شغلت بها فلسفات البشر ولم تقل فيها ما يشفي.

فالإنسان منذ نشأته تلحّ عليه أسئلةٌ يحتاج إلى الجواب عنها: من أين؟ وإلى أين؟ ولم؟ ومهما تشغله مطالب العيش عن هذا التساؤل، فإنّه لا بدّ واقفٌ يوماً ليسأل نفسه هذه الأسئلة الخالدة:

(أ) يقول الإنسان في نفسه: من أين جئت وجاء هذا الكون العريض من حولي؟ هل وجدت وحدي أم هناك خالق أوجدني؟ ومن هو؟ وما صلتي به؟ وكذلك هذا العالم الكبير بأرضه وسمائه، وحيوانه ونباته وجماده وأفلاكه، هل وجد وحده أم أوجده خالقٌ مدبّرٌ؟

(ب) ثمّ ماذا بعد هذه الحياة… وبعد الموت؟ إلى أين المسير بعد هذه الرحلة القصيرة على ظهر هذا الكوكب الأرضي؟ أتكون قصة الحياة مجرّد” أرحامٍ تدفع، وأرضٍ تبلع” ولا شيء بعد ذلك؟ وكيف تستوي نهاية الأخيار الطاهرين الذين ضحّوا بأنفسهم في سبيل الحقّ والخير، ونهاية الأشرار الملوّثين الذين ضحّوا بغيرهم في سبيل الهوى والشهوة؟ أتختتم الحياة بالموت؟ أم هناك وراء الموت حياةٌ يجزى فيها الذين أساءوا بما عملوا والذين أحسنوا بالحسنى؟

(ج) ثم لماذا وجد الإنسان؟ لماذا أعطي العقل والإرادة، وتميّز عن سائر الحيوان؟ لماذا سخّر له ما في السموات وما في الأرض؟ أهناك غايةٌ من وجوده؟ أله مهمّةٌ في حياته؟ أم وجد لمجرّد أن يأكل كما تأكل الأنعام ـ ثمّ ينفق كما تنفق الدواب؟ وإن كانت هناك غايةٌ من وجوده، فما هي؟ وكيف يعرفها؟ أسئلةٌ تلحّ على الإنسان في كلّ عصرٍ، وتتطلّب الجواب الذي يشفي الغليل ويطمئن به القلب، ولا سبيل إلى الجواب الشافي إلا باللجوء إلى الدين إلى العقيدة الدينية الصافية. الدين هو الذي يعرّف الإنسان ـ أول ما يعرفه ـ أنّه لم يخرج من العدم إلى الوجود صدفةً، ولا قام في هذا الكون وحده، وإنّما هو مخلوقٌ لخالقٍ عظيمٍ، هو ربّه الذي خلقه فسوّاه فعدله، ونفخ فيه من روحه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأمدّه بنعمه الغامرة، منذ كان جنيناً في بطن أمه: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 20 – 23].

وهذا الكون الكبير من حوله ليس غريباً عنه ولا عدوّاً له، إنّه مخلوقٌ مثله لله لا يسير جزافاً، ولا يمشي اعتباطاً، كلّ شيءٍ فيه بقدرٍ، وكلّ أمرٍ فيه بحسابٍ وميزانٍ، إنّه نعمةٌ من الله للإنسان ورحمةٌ، ينعم بخيراته، ويستفيد من بركاته، ويتأمّل في آياته، فيستدلّ به عن ربّه: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 2، 3]، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190].

بهذه العقيدة يرتبط الإنسان بالوجود الكبير، وبربّ الوجود كلّه، ولا يعيش منطوياً على نفسه، معزولاً عمّا حوله، أو خائفٌ منه.

والدين هو الذي يعرّف الإنسان: إلى أين يسير بعد الحياة والموت؟ إنّه يعرفه أنّ الموت ليس فناءً محضاً، ولا عدماً صرفاً، إنّما هو انتقالٌ إلى مرحلةٍ أخرى . . إلى حياةٍ برزخيةٍ بعدها نشأةٌ أخرى توفّى فيها كلّ نفسٍ ما كسبت، وتخلد فيما عملت، فلا يضيع هناك عمل عاملٍ من ذكرٍ أو أنثى، ولا يفلت من العدل الإلهي جبّارٌ أو مستكبرٌ: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 6 – 8]، بهذا يعيش الإنسان بوجدانه في الخلود، ويعلم أنّه خلق للأبد، وإنّما انتقل بالموت من دارٍ إلى دارٍ.

والدين هو الذي يعرّف الإنسان: لماذا خلق؟ ولماذا كرّم وفضّل؟ يعرّفه بغاية وجوده، ومهمّته فيه، إنّه لم يخلق عبثاً، ولم يترك سدىً، إنّه خلق ليكون خليفة الله في الأرض، يعمرها كما أمر الله، ويسخّرها لما يحبّ الله، يكشف مكنوناتها، ويأكل من طيباتها، غير طاغٍ على حقّ غيره، ولا ناسٍ حقّ ربّه. وأول حقوق ربّه عليه أن يعبده وحده، ولا يشرك به شيئاً، وأن يعبده بما شرع، على ألسنة رسله، الذين بعثهم إليه هداةً معلمين، مبشّرين ومنذرين، فإذا أدّى مهمّته في هذه الدار المحفوفة بالتكليف والابتلاء، وجد جزاءه هناك في الدار الآخرة: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30].

بهذا يدرك الإنسان سرّ وجوده، ويستبين مهمّته في الحياة، بيّنها له بارئ الكون، وواهب الحياة، وخالق الإنسان.

إنّ الذي يعيش بغير دينٍ ـ بغير عقيدةٍ في الله والآخرة ـ إنسانٌ شقيٌّ محرومٌ حقّاً. إنّه في نظر نفسه مخلوقٌ حيوانيٌّ، ولا يفترق عن الحيوانات الكبيرة التي تدبّ على الأرض من حوله . . . والتي تعيش وتتمتّع ثمّ تموت وتنفق، بدون أن تعرف لها هدفاً، أو تدرك لحياتها سرّاً، إنّه مخلوقٌ صغيرٌ تافهٌ لا وزن له ولا قيمة، وجد ولا يعرف: كيف وجد، ولا من أوجده؟ ويعيش ولا يدري: لماذا يعيش؟ ويموت ولا يعلم لماذا يموت؟ وماذا بعد الموت؟ إنّه في شكٍّ ـ بل في عمىً ـ من أمره كلّه: محياه ومماته، مبدئه ومنتهاه، كالذين قال الله فيهم: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: 66].

وما أقسى حياة إنسانٍ يعيش في جحيم الشكّ والحيرة أو في ظلمات العمى والجهل، في أخصّ ما يخصّه: في حقيقة نفسه، وسرّ وجوده، وغاية حياته. إنّه الشقيّ التعيس حقّاً، وإن غرق في الذهب والحرير وأسباب الرفاهية والنعيم، وحمل أرقى الشهادات، وتسلّم أعلى الدرجات! وفرق كبير بين إنسان كعمر الخيام يقول في حال حيرته وشكه:

لبست ثوب العمر لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر!

سوف أنضو الثوب عني، ولم أدر: لماذا جئت، أين المفر؟

وبين آخر يقول في يقين وطمأنينة:

وما الموت إلا رحلة، غير أنها من المنزل الفاني إلى المنزل الباقي!

وحرت فيه بين شتى الفكر:

ويقول عمر بن عبد العزيز: ” إنا خلقنا للأبد، وإنما ننقل من دار إلى دار”.

إن حاجة الإنسان إلى الدين تنبثق ـ قبل كل شيء ـ من حاجته إلى معرفة حقيقة نفسه وإلى معرفة حقائق الوجود الكبرى، وأول هذه الحقائق وأعظمها:

وجود الله تعالى ووحدانيته وكماله سبحانه، فبمعرفته والإيمان به ـ جل شأنه ـ تنحل عقد الوجود، ويتضح للإنسان الغاية والوجهة، ويتحدد المنهج والطريق.

* حاجة الفطرة البشرية:

2- ما ذكرناه من حاجة الإنسان إلى الدين يتصل بحاجاته العقلية، ولكن هناك حاجة الوجدان والشعور أيضا، فالإنسان ليس عقلاً فقط، كالأدمغة الإلكترونية، إنّما هو عقلٌ ووجدانٌ وروحٌ، هكذا تكوّنت فطرته، ونطقت جبلّته. فالإنسان بفطرته لا يقنعه علمٌ ولا ثقافةٌ، ولا يشبع نهمته فنٌّ ولا أدبٌ، ولا يملأ فراغ نفسه زينةٌ أو متعةٌ، ويظلّ قلق النفس، جوعان الروح، ظمآن الفطرة، وشاعراً بالفراغ والنقص، حتى يجد العقيدة في الله، فيطمئنّ بعد قلقٍ، ويسكن بعد اضطرابٍ، ويأمن بعد خوفٍ، ويحسّ بأنّه وجد نفسه.

يقول الفيلسوف “أجوست سياته” في كتابه “فلسفة الأديان”:

“لماذا أنا متديّنٌ؟ إنّي لم أحرك شفتي بهذا السؤال مرّةً، إلا وأراني مسوقاً للإجابة عليه بهذا الجواب، وهو: أنا متديّنٌ، لأنّي لا أستطيع خلاف ذلك، لأنّ التديّن لازمٌ معنويٌّ من لوازم ذاتي. يقولون لي: ذلك أثرٌ من آثار الوراثة أو التربية أو المزاج، فأقول لهم: قد اعترضت على نفسي كثيراً بهذا الاعتراض نفسه، ولكنّي وجدته يقهقر المسألة ولا يحلّها”.

ولا عجب أن وجدنا هذه العقيدة عند كلّ الأمم، بدائيةً ومتحضّرةً، وفي كلّ القارّات شرقيةً وغربيةُ، وفي كلّ العصور قديمًة وحديثةً، وإن كان الأكثرون قد انحرفوا بها عن الصراط المستقيم.

يقول المؤرخ الإغريقي “بلوتارك”: قد وجدت في التاريخ مدنٌ بلا حصونٍ، ومدنٌ بلا قصورٍ، ومدنٌ بلا مدارس، ولكن لم توجد أبداً مدنٌ بلا معابد…

ولهذا جعل القرآن الدين ـ بمعنى العقيدة ـ هو الفطرة البشرية نفسها: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30].

* حاجة الإنسان إلى الصحة النفسية والقوة الروحية:

3- وثمة حاجة أخرى إلى الدين: حاجة تقتضيها حياة الإنسان وآماله فيها، وآلامه بها… حاجة الإنسان إلى ركن شديد يأوي إليه، وإلى سند متين يعتمد عليه، إذا ألمت به الشدائد، وحلت بساحته الكوارث، ففقد ما يحب، أو واجه ما يكره، أو خاب ما يرجو، أو وقع به ما يخاف، هنا تأتي العقيدة الدينية، فتمنحه القوة عند الضعف، والأمل في ساعة اليأس، والرجاء في لحظة الخوف، والصبر في البأساء والضراء، وحين البأس.

إن العقيدة في الله وفي عدله ورحمته، وفي العوض والجزاء عنده في دار الخلود، تهب الإنسان الصحة النفسية والقوة الروحية، فتشيع في كيانه البهجة، ويغمر روحه التفاؤل، وتتسع في عينه دائرة الوجود، وينظر إلى الحياة بمنظار مشرق، ويهون عليه ما يلقى وما يكابد في حياته القصيرة الفانية، ويجد من العزاء والرجاء والسكينة ما لا يقوم مقامه ولا يغنى عنه علم ولا فلسفة ولا مال ولا ولد ولا ملك المشرق والمغرب.

ورضي الله عن عمر إذ قال: “ما أصبت بمصيبة إلا كان لله علي فيها أربع نعم: أنها لم تكن في ديني… وأنها لم تكن أكبر منها… وأنني لم أحرم الرضا عند نزولها… وأنني أرجو ثواب الله عليها”.

أما الذي يعيش في دنياه بغير دين، بغير إيمان، يرجع إليه في أموره كلها وبخاصة إذا ادلهمت الخطوب، وتتابعت الكروب، والتبست على الناس المسالك والدروب، يستفتيه فيفتيه، ويسأله فيجيبه، ويستعينه فيعينه، ويمنحه المدد الذي لا يغلب، والعون الذي لا ينقطع الذي يعيش بغير هذا الإيمان يعيش مضطرب النفس، متحير الفكر، مبلبل الاتجاه، ممزق الكيان، شبهه بعض فلاسفة الأخلاق بحال “راقاياك” التعس، الذي يحكون عنه أنه اغتال الملك، فكان جزاؤه أن يربط من يديه ورجليه إلى أربعة من الجياد، ثم ألهب ظهر كل منها، لتتجه مسرعة، كل واحد منها إلى جهة من الجهات الأربع، حتى مزق جسمه شر ممزق!

هذا التمزق الجسمي البشع مثل للتمزق النفسي الذي يعانيه من يحيا بغير دين، ولعل الثاني أقسى من الأول وأنكى في نظر العارفين المتعمقين، لأنه تمزق لا ينتهي أثره في لحظات، بل هو عذاب يطول مداه، ويلازم من نكب به طول الحياة.

ولهذا نرى الذين يعيشون بغير عقيدة راسخة يتعرضون أكثر من غيرهم للقلق النفسي، والتوتر العصبي، والاضطراب الذهني، وهم ينهارون بسرعة إذا صدمتهم نكبات الحياة، فإما انتحروا انتحارا سريعا، وإما عاشوا مرضى النفوس، أمواتا كالأحياء! على نحو ما قال الشاعر العربي قديما:

ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء!

إنما الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء!

وهذا ما يقرره علماء النفس وأطباء العلاج النفسي في العصر الحديث وهو ما سجله المفكرون والنقاد في العالم كله.

يقول المؤرخ الفيلسوف “آرنولد توينبي”:

“الدين إحدى الملكات الضرورية الطبيعية البشرية، وحسبنا القول بأن افتقار المرء للدين يدفعه إلى حالة من اليأس الروحي، تضطره إلى التماس العزاء الديني على موائد لا تملك منه شيئا”.

ويقول الدكتور “كارل بانج” في كتابه “الإنسان العصري يبحث عن نفسه”: “إن كل المرضى الذين استشاروني خلال الثلاثين سنة الماضية، من كل أنحاء العالم، كان سبب مرضهم هو نقص إيمانهم، وتزعزع عقائدهم ولم ينالوا الشفاء إلا بعد أن استعادوا إيمانهم”.

ويقول “وليم جيمس” فيلسوف المنفعة والذرائع: “إن أعظم علاج للقلق ـ ولا شك ـ هو الإيمان”.

ويقول الدكتور “بريال”: “إن المرء المتدين حقا لا يعاني قط مرضا نفسيا”.

ويقول “ديل كارنيجي” في كتابه “دع القلق وابدأ الحياة”: “إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالدين، كفيلان بأن يقهرا القلق، والتوتر العصبي، وأن يشفيا من هذه الأمراض”.

وقد أفاض الدكتور “هنري لنك” في كتابه “العودة إلى الإيمان” في بيان ذلك والتدليل عليه بما لمسه وجربه من وقائع وفيرة، خلال عمله في العلاج النفسي.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق