الاختلاف الواقع بين العلماء يمكن ردُّه إلى ثلاثة أنواع:
1- اختلاف تنوع:
وهو الاختلاف على سبيل التعارض والتضاد ، من أمثلته ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية استفتاح الصلاة وصيغ التشهد ومن أمثلته ما يرد من الأقوال في التفسير من غير معارضة لغيرها ويمكن أن تكون كلها صحيحة.
ويمكن ذكر نوع آخر من الخلاف يمكن أن نصطلح عليه بخلاف الترف وهو ما لا يترتب عليه عقيدة ولا عمل ومثاله: الجنة التي هبط منها آدم عليه الصلاة والسلام واسم الشجرة التي آكل منها وما شابه وشاكل ذلك.
2- اختلاف تضاد معتبر وهو نوعان:
أ- ما يكون بين المجتهدين وليس فيه نص أو دليل معتبر يرجح بين القولين فهذا الخلاف لا يجوز فيه الطعن ولا التجريح ولا الإنكار.
ب- ما يكون بين المجتهدين مع وجود النص الشرعي لكنه محتل وليس قطعي الدلالة ولا يمكن القطع بتخطئة أحد الاجتهادات فمن ترجح له أحد المعاني لم ينكر على غيره.
والقاعدة في هذا الخلاف : الخلاف شرٌّ والبيان جائز.
3- اختلاف تضاد غير سائغ وهذا الاختلاف نوعان:
أ- ما يكون بين المجتهدين والحق فيه مع أحد الطرفين قطعاً .
وهذا النوع يُبيَّن فيه الخطأ ويُعلَّم الجاهل وتُزال الشبهة عن المتعلم ويُنكر على الداعية إليه .
وقاعدته : البيان واجب ولا نجرح الأعيان .
ب- ما يكون المخالف فيه من أهل الأهواء أو من غير المجتهدين ومثل هذا النوع يُبيَّن فيه الخطأ ويُعلَّم الجاهل وتُزال الشبهة عن المتعلم ويُنكر على الداعية إليه مع التنبيه إلى أن المواقف الشديدة مقيدة بقوة أهل الحق ومراعاة المصلحة والمفسدة بعد إزالة الشبهة وإقامة الحُجة .
وقاعدته : الإنكار واجب ويختلف الحكم على الأعيان .
فلو أنَّ طلبة العلم ضبطوا هذا التأصيل في أنواع الخلاف وطبقوه على واقعهم لزالت فتنٌ كثيرةٌ وحُلت إشكالاتٌ عديدةٌ وعادت كثير من المياه إلى مجاريها والله المستعان .
اختصار من كتاب معالم في فقه الخلاف في الشريعة الإسلامية / عبد الوهاب الحميقان