الغلو و التكفيرمقالات الغلو

حول منع الفتيات من التدريس في الجامعات في أفغانستان – مناقشة أصولية

بقلم د. محمد نور حمدان

مناصحة – متابعة 

أصدرت طالبان قرارا حول منع الفتيات من التدريس في الجامعات وكان اعتمادها الرئيسي بهذا المنع في الشريعة الإسلامية مبدأ سد الذرائع وذلك بحجة الخوف من الوقوع في المحرمات والاختلاط المذموم وسفر المرأة بدون محرم وأمام هذه الحادثه يجب أن نقف على عدة نقاط من خلال النقاش في سد الذرائع والاحتجاج به.

اولا نص الفقهاء على أن مبدأ سد الذرائع هو مصدر تشريعي ممكن الاعتماد عليه لكن بشرط عدم التوسع فيه لأن التوسع فيه قد يؤدي إلى تضييق المباحات ومنع بعض الواجبات كما في هذه الحالة من واجب طلب العلم وقد ضرب الفقهاء بعض الأمثلة على التوسع عند الأخذ بمبدأ سد الذرائع فمنع بعض الفقهاء تعليم الكيمياء بحجة أنه يؤدي إلى السحر وكذلك تعليم العلوم الدنيوية بحجج وذرائع متعددة.

ثانيا عند الأخذ بمبدأ سد الذرائع يجب أن تكون المفسدة المتوقعة مقطوعا في حصولها أو يغلب على الظن حصولها فبيع العنب مباح ولكن عندما يغلب على الظن أن هذا العنب سيعصر خمرا يمنع سدا للذرائع وكذلك بيع السلاح مباح بل هو واجب للدفاع عن النفس ولكن عندما يغلب على الظن بيع لمن يقتل مسلما يمنع سدا للذريعة فإن كانت المفسدة المتوقع حصولها قليلة فلا عبرة بها.

ثالثا عند الأخذ بمبدأ سد الذرائع يكون عندنا مفسدتان متعارضتان أو مفسدة ومصلحة وفي مثل هذه الحالات يجب أن نوازن بين المفاسد والمصالح ثم نمنع الذريعة أو لا نمنعها ففي حالة منع الفتيات من الدخول الى الجامعات يوجد مفسدة متوهمة وهو حصول الاختلاط المذموم والفساد الناتج عنه لكن هناك مفسدة أعم في منه الطالبات من ارتياد الجامعات وهو فشو الجهل بين النساء وتعطيل نصف بل كامل المجتمع على اعتبار أن المرأة هي المربية والمعدة للجيل والقاعدة تقول إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفهما.

رابعا ان المفاسد المتوقعة من ارتياد الفتيات الى الجامعات موجودة ومتحققة حتى لو كانت الفتاة في منزلها في عصر وسائل التواصل الاجتماعي فالمرأة الجاهلة قد تتواصل وترتكب عمليات محرمة وهي في منزلها أما المرأة العالمة فلا يخاف عليها فهذا القرار يوقع النساء في مفاسد أكثر بكثير من منعهن من ارتياد الجامعات.

خامسا تبقى مسألة سفر المرأة من غير محرم وقد نص كثير من الفقهاء المعاصرين بإباحته عند أمن الطريق وعند وجود الصحبة الصالحة كما في سفرها الى الحج على المذهب الشافعي.

سادسا وأخيرا قال صلى الله عليه وسلم (لا تمنعوا إماء الله من مساجد الله) فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من منع المرأة من ارتياد المسجد لما يؤدي إلى تجهيلها والمساجد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كانت أماكن للعبادة وجامعات للتعليم ومجالس شورى تتخذ فيها القرارات السياسية والعسكرية والشرعية.

لذلك لا بد أن تدرك طالبان خطورة هذا القرار ومساهمته في تعطيل دور المرأة ومما يؤدي إلى تعطيل المجتمع وتخريج جيل جاهل وهذا ما يريده أعداء الإسلام

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق